shimery.com
New Page 1
 
shimery.com



سفارة اليمن بمصر


مقالات                      

تفاصيل المقالة
آخر طوق للنجاة 
  إفتتاحيات مجلة المثقف العربي

  العدد رقم(25 )    صدر بتاريخ (2003)

بدأت جلود الفكر السياسي العربي تشعر بلهيب السوط الذي يجلد بلا رحمة كل عضو في جسد هذا الوطن المثخن بالجراح الداخلية والفيروسات الغازية، وبدأ الخائفون على رحيل هذا الوطن العربي مرة أخرى إلى التاج البريطاني، أو مرة أولى إلى الاتحاد الأمريكي تحت سمع وبصر العالم.

نعم لقد بدأ أثوار الحظيرة يشيرون إلى فدية يقدمونها إلى أسد الغاية وهو ( الثور الأبيض) لكن الحقيقة بدأت تقدم نفسها مطابقة لما أخبرني به صديقي البريطاني المستر (روجرMR ROGER) وهو يقدم لي كأسا من الشاي بمنزله في ضاحية "لندن" ووضع أمامي جريدة قديمة يرجع تاريخها إلى عام 1963م وكان الرجل يوم ذاك أحد محرريها، وخلاصة ما يقوله ذلك المقال القديم: " أن الانتفاضات الثورية وحركات التحرر في كافة الأقطار العربية التي تفجرت في منتصف القرن العشرين ضد الانتداب البريطاني يجب على مملكة التاج البريطاني احتواؤها في قارورة الصدامات الدائمة والدامية، سواء مع الفصائل الثورية ذات الفكر الماركسي أو التقليدية المحافظة، حتى تهدر طاقاتها ومواردها في معارك قطرية، وتغرق في صدامات مع شعوبها، التي أفاقت على عواء الثورات هنا وهناك، ويجب ألا تستفيد في مشروعات تنموية من تدفق المساعدات والقروض، وخلال نصف قرن فقط ستجد تلك الشعوب الثورية نفسها في دوامة الغرق من تراكم الديون الخارجية، وضياع معالم الخط الثوري، وتعطل القطار في مفترق الطرق.

عند نقطة الصفر التي لن تبارحها خلال عصور الانتفاضة الدامية، ومع تراكم مشاعر اليأس، والإحباط والمزيد من التخلف سيحدث التراجع وتعود آسفة عمَّا ارتكبته في حق بريطانيا التي انشغلت ببناء تلك البلدان على حساب شعبها المتحد ويوم ذاك ستطالب تلك الشعوب العربية ـ لتستريح من العناء والمعاناة المحلية ـ بعودة الانتداب والوصاية، وتكون قد حملت من الحقد والكراهية ما يكفي ضد أولئك الذين يستنهضونها مرة أخرى للتحرر والاستقلال .. انتهى المقال لقد أصابني هذا المقال بذهول وشرود بال لم أفق إلا وصديقي يسألني قائلاً: كم من الوقت لتكتمل لهذا التنبوء كل توقعاته؟ قلت له : أيها الصديق هل يعني هذا أنني من جيل مهمتي المطالبة بالعودة إلى استعمار الوطن العربي؟
قال: لست وحدك ولكن مع كل الجماهير الثائرة بالأمس ضد الاحتلال ومن هذا الباب أدخل صارخاً على مسامع أصحاب القرار في وطننا العربي الحبيب ألاّ يؤكلوا يوم أكل الثور الأبيض. ومن العار علينا أن نراهم وقد وضعوا في أقفاص شبكية في إحدى حدائق الحيوانات ليشاهدهم السواح وزوار الحدائق وقد كُتب على أقفاصهم الزعيم فلان وهذه الزعيمة فلانة كما نرى الحال في أسرى ( غوانتانامو) وإن طوق النجاة الأخير والوحيد هو التحالف الصادق مع الشعب العربي من جديد وإطلاق صفارة التصالح فوراً.

إن الشعور بآلام الضربات الموجعة في ظهر الوضع العربي القائم يحتم السير في الاتجاه المعاكس لمتطلبات الملف الاستعماري، ومن أهم ملامح التصالح مع الشعوب الخطوات التالية:
إطلاق الحريات للشعوب العربية والانفتاح التام عربيا ـ عربياً بحرية التنقل وإلغاء القوائم السوداء، والبوابات الحمراء وحرية الإنتاج والاستثمار والتسويق والتسوق، والتزوج، وهنا ستبدأ فرص التعبئة السياسية ضد التدخلات الأجنبية في المنطقة، وحينئذ لا بد من ضمان حرية سياسية لكل الأفراد والمنظمات والأحزاب في ممارسة ديمقراطية حقيقية، ولو كان ثمن كل ذلك شرطاً واحداً فقط، وهو ألا يمس الحكام العرب بأي منافسة على كراسيهم، وأن يدعوا كل شيء بعد ذلك لأبناء الشعب العربي دون تدخل ولا وصاية ولا هيمنة ليؤدي كل ذلك إلى اصطفاف صادق عند مواجهة التحديات الخطيرة .

 
  رجوع 
shimery.com
مقالات | ألبوم الصور | مؤتمرات | لقاءات صحفية | نشاط ثقافي
لمراسلة موقع السفير راسلنا علي
info@shemiry.com